جرى في القاعة الدَّائريَّة ببلديَّة زوق مصبح بلبنان، على دعوةٍ من البلديَّة ودار نعمان للثَّقافة، توقيعُ كتاب رندى إدمون خطَّار المُعَنوَن "يومذاك قال: غنِّي" الصَّادر حديثًا عن الدَّار. تضمَّن حفلُ التَّوقيع كلماتٍ لكلٍّ من رئيس بلديَّة زوق مصبح، الأستاذ شربل مرعب، ونائبه الأستاذ جوزف مغامس، والمؤلِّفة، إلى إنشادِ أغنيةٍ من مَقطوعات الكتاب وتلحين صاحبته أدَّتها بتألُّق الفنَّانة مايا شديد. ثمَّ كان نخبُ المناسبة، وتوقيعُ الكتاب، إلى توزيعٍ مجَّانيٍّ لآخر ما صدرَ عن مؤسَّسة ناجي نعمان للثَّقافة بالمجَّان.
وسُجِّل حضورُ رَهطٍ من مُتَذَوِّقي الأدب، منهم: الدُّكتور بيار مذوَّق، رئيس بلديَّة بلُّونة، الكاتب والأديب حبيب يونس، طوني دانايان، رئيس نادي اللَّيونز بيروت كود، سمير أبو سمرا، لويس بو فرح، كلود زكَّا، جوزف خوري.
هذا، وألقى راعي الحَفل، الوزير السَّابق المحامي زياد بارود، الكلمةَ الآتية:
أعزَّائي،
ماذا عساي أقولُ في الشِّعر وأنا لستُ بشاعر، وما ذنبُ النَّاس يستمعون إلى راعي حَفلٍ تتواضعُ كلماتُه أمام الكلمة المَلِكَة الَّتي تأتينا بها، شعرًا ونظمًا وغناء، رندى خطَّار؟
ذنبُهم وذنبُكم أنَّها اختارت أن تُشركَني فرحةَ كتابها، ولي في ذلك فخرٌ واعتزاز. لكنِّي، حَقنًا للذُّنوب، ورَفعًا للمَعصية، سأختصرُ في الكلام لا في المَآل، فالكتابُ على ما قدَّمَ له أديبُنا وعزيزُنا جوزف مغامس، "ليس كتابًا من ورق وحبر، وإنَّما هو إحساسٌ متفلِّتٌ ومشاعرُ على هواها، فيه من كلمات رندى ما لا يشبهُ سواها من الكلمات"...
ربَّما كانت صلةُ القربى الَّتي تربطُ رندى بالكتب، وهي مسؤولةٌ عن المكتبة الجامعيَّة في الجامعة اللُّبنانيَّة-الكنديَّة، قد جعلتها في تواطؤٍ إيجابيٍّ مع الأحرف، تغزلُها كلماتٍ بل تتغازلُها...
وأمَّا القانون، والشَّاعرةُ الكاتبةُ تُجيدُه... فأغلبُ الظَّنِّ أنَّها أخضعَته لسحر الكلمات وجمال مؤدَّاها وروعة صداها، فسقط مَصروعًا، مُستسلمًا، يُلملمُ نصوصَه الجامدةَ أمام تمايُل الشِّعر راقِصًا والنَّغمات تصدح: غنِّي، غنِّي... اليونانُ يقولون "أكسِيوس" للمُستَحِقّ، وهكذا رأى الأستاذُ نَعمان استحقاقَ رندى عامَ 2009، مَبروك.
اليومَ تقولُ رندى خطَّار ما قالَه، يومَذاك، هو: هو آكِلُ التُّفَّاحة، وآكِلُ الأخضر واليابس أحيانًا؛ قالته رندى بحبر الجرأة يسيلُ إلى مسامعنا غناءً، وبقلب المرأة يميلُ إلى مَسامِّنا حبًّا.
أعزَّائي،
في هذا المساء، والميلادُ حطَّ رحالَه بيننا، وفي دائريَّة زوق مصبح، هذه البلدة الرَّاقية، جارة الرِّضا، وبلديَّتها النَّشيطة، رئيسًا وأعضاءَ مجلسٍ بلديّ، أتينا نغنِّي مع رندى موسيقاها: "يومذاك قال: غنِّي"، ونُحيي فيها نُبلَ الكلمة وجرأةَ القلم؛ أتيناها لنكونَ في سماعٍ على مرمى من مغارةٍ هنا، تغنِّي مياهها، وعلى مقربةٍ من مغارة المخلِّص ومَجيء ميلاده نغنِّيه فرحًا: يومذاك وُلدَ لنا مخلِّص، وهو المسيح.
"أعترفُ، ربِّي، أنَّ الظُّلمَ قرَّبني منك، كادَ يكتبُ آخرَ صفحاتي بعَبَثه بالكلمات النَّقيَّات، لكنِّي بك استنجَدت، فرأيتُ الغدرَ أصغرَ من حُبَيبات الغبار. وفي عزِّ صراعي، عنه وعن كلِّ الذِّئاب المتجمِّلين بالحملان صفَحت. أعترفُ، ربِّي، أنَّ الفرحَ قرَّبني منك، فرح العطاء من دون لقاء؛ ولو أنِّي استُهدفت من دون حياء، وحينما أدركت، رضيت لأنِّي فهمتُ أنَّ مَن جعلَ الجوعَ سلطانه، يظلُّ محتاجًا من دون رجاء. صباح الخير، ربِّي؛ مساء الخير، ربِّي، كلُّ ما لي منك... أنا، كما أردتني نبع سخاء، لن تكون، هذه، آخر صفحاتي"...
بإذن الله، رَندى، لن تكونَ، لأنَّ الغناءَ للرَّبِّ هو فِعلُ صلاةٍ كمزامير ترتَّل، وكما الأيِّلُ يَشتاق...